إنزاجي.. من “ظل أخيه” إلى قيادة الهلال في أرض الأحلام

5 يونيو 2025 - 1:34 ص

في مطلع الألفية، كان الحديث عن “إنزاجي” في إيطاليا لا يعني سوى فيليبو، المهاجم الأسطوري لميلان والمنتخب الإيطالي، صاحب الأهداف الحاسمة، والقناص الذي لا يرحم. أما سيموني، الشقيق الأصغر، فلم يكن أكثر من “الظل” الذي رافق أسطورة، دون أن يُعترف به كلاعب من الصف الأول، أو كصاحب شخصية مستقلة.

لكن كرة القدم، كما هي الحياة، تمنح أدوار البطولة لمن يملكون الصبر والبصيرة. وسيموني إنزاجي انتظر، ثم صعد، وها هو اليوم يطرق أبواب مرحلة جديدة في مسيرته، بعد أن أعلن نادي الهلال السعودي، رسميًا، تعاقده مع المدرب الإيطالي لقيادة الفريق الأول لكرة القدم، في عقد يمتد لمدة موسمين.

لم يكن سيموني إنزاجي لاعبًا عاديًا، لكنه لم يكن استثنائيًا أيضًا. لعب في صفوف لاتسيو في فترة ذهبية، وحقق لقب الدوري الإيطالي، وكان جزءًا من فريق مدجج بالنجوم. لكنه بقي دومًا تحت ظل شقيقه، سواء في الإعلام أو في ذاكرة الجماهير.

لكن ما لم يعرفه كثيرون، هو أن سيموني كان يملك عقلًا كرويًا مميزًا، ونظرة فنية تتجاوز حدود مهاراته الفردية. فور اعتزاله، اتجه مباشرة إلى التدريب داخل أسوار نادي لاتسيو، حيث تولّى مسؤولية الفرق السنية، قبل أن يمنح فرصة لقيادة الفريق الأول مؤقتًا، ثم دائمًا، ويبدأ من هناك فصلاً جديدًا في حكايته.

في لاتسيو، صنع سيموني فريقًا مقاتلًا، انتزع لقب كأس إيطاليا، ونافس الكبار بإمكانيات محدودة، وفرض احترامه على الجميع بأسلوب متوازن يعتمد على التنظيم والسرعة والضغط، في منظومة هجومية دون أن تفقد اتزانها الدفاعي.. ثم جاء التحدي الأكبر: تدريب إنتر ميلان.

التجربة الأهم.. ونهاية مُحبطة

خلف سيموني المدرب أنطونيو كونتي في إنتر، وكان عليه أن يواصل مشروعًا بدأه مدرب حماسي يملك بصمة واضحة. لكن إنزاجي لم ينسخ التجربة، بل وضع بصمته الخاصة.

في موسمه الثاني، قاد الفريق إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2023، وخسر بصعوبة أمام مانشستر سيتي. ورغم أن هذا الإنجاز لم يُتوّج بالكأس، فإنه وضع اسم إنزاجي ضمن نخبة مدربي أوروبا، خاصة بعدما أظهر مرونة تكتيكية عالية في المسابقة.

في موسمه الأخير مع الإنتر، حافظ الفريق على صدارته لفترات طويلة في الدوري، لكن النهاية جاءت مُخيبة للآمال، بخسارة اللقب المحلي والخروج الأوروبي. ومع انتهاء الموسم، أعلن النادي عدم تجديد التعاقد، وبدأت رحلة البحث عن المحطة التالية.

طموح جديد وهوية تبحث عن ثبات

اختار الهلال، وصيف دوري روشن السعودي، سيموني إنزاجي ليقود مشروعه في الموسم المقبل، وسط تطلعات كبيرة باستعادة الألقاب، خاصة بعد موسم خرج منه الفريق بلا أي بطولة.

الهلال أعلن التوقيع مع إنزاجي بعقد يمتد حتى صيف 2027، وأقيمت مراسم التوقيع في العاصمة الفرنسية باريس، بحضور فهد بن نافل، رئيس مجلس الإدارة، في إشارة إلى أهمية الصفقة ومكانة المدرب الجديد.

وسينضم إنزاجي إلى كوكبة من النجوم العالميين في صفوف الهلال، أبرزهم سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، ومالكوم، وروبن نيفيز. وسيكون عليه إيجاد التوليفة المناسبة لقيادة هذا الفريق الثقيل فنيًا، والذي يعاني في أحيان كثيرة من تذبذب المستوى تحت ضغط جماهيري دائم.

26 مليون يورو.. ورسالة بصوت هادئ

بحسب تقارير إعلامية أوروبية، فإن إنزاجي سيحصل على راتب سنوي يُقدّر بـ26 مليون يورو، وهو رقم ضخم يعكس مدى التقدير الذي يحظى به المدرب، لكنه يضعه في الوقت ذاته أمام تحدٍ ضخم في بيئة جديدة.

الدوري السعودي لم يعد كما كان. هو الآن محط أنظار العالم، ومسرح لمنافسة نجوم عالميين ومدربين كبار، ولعل ما يُنتظر من إنزاجي يفوق مجرد “الفوز”، بل يشمل صناعة هوية فنية مستقرة.

الهلال قدّم مدربه الجديد عبر فيديو أنيق على حسابه الرسمي بمنصة “إكس”، حيث ظهر إنزاجي يتجول بهدوء في ردهة فندقية، قبل أن يحتسي القهوة، ويقول بصوت خافت: “أنا اسمي سيموني إنزاجي.. واليوم تبدأ قصتي مع الهلال”.

سيموني إنزاجي لم يعد مجرد “شقيق فيليبو”. لقد أثبت أنه مدرب من طراز فريد، قادر على قيادة فرق كبرى نحو النجاح. مع الهلال، يبدأ فصلًا جديدًا في مسيرته، حاملًا معه رؤية تكتيكية وطموحًا لا حدود له.

والجماهير الهلالية تنتظر بفارغ الصبر لترى كيف سيترجم إنزاجي خبراته الأوروبية إلى نجاحات في الملاعب السعودية، وما إذا كان سيتمكن من قيادة الزعيم إلى استعادة أمجاد الدوري وتحقيق حلم التتويج في كأس العالم للأندية. في النهاية، تبقى هذه بداية قصة قد تكتب فصولها بأحرف من ذهب.

2025-06-04 20:29:00

https://playz.games